سورة الحاقة - تفسير تفسير الرازي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحاقة)


        


{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42)}
وههنا مسائل:
المسألة الأولى: قرأ الجمهور: تؤمنون وتذكرون بالتاء المنقوطة من فوق على الخطاب إلا ابن كثير، فإنه قرأهما بالياء على المغايبة، فمن قرأ على الخطاب، فهو عطف على قوله: {بِمَا تُبْصِرُونَ وما لا تُبْصِرُونَ} [الحاقة: 38، 39] ومن قرأ على المغايبة سلك فيه مسلك الالتفات.
المسألة الثانية: قالوا: لفظة ما في قوله: {قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ... قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} لغو وهي مؤكدة، وفي قوله: {قَلِيلاً} وجهان:
الأول: قال مقاتل: يعني بالقليل أنهم لا يصدقون بأن القرآن من الله، والمعنى لا يؤمنون أصلاً، والعرب يقولون: قلما يأتينا يريدون لا يأتينا.
الثاني: أنهم قد يؤمنون في قلوبهم، إلا أنهم يرجعون عنه سريعاً ولا يتمون الاستدلال، ألا ترى إلى قوله: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} إلا أنه في آخر الأمر قال: {إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ} [المدثر: 24].
المسألة الثالثة: ذكر في نفي الشاعرية {قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ} وفي نفي الكاهنية {مَّا تَذَكَّرُونَ} والسبب فيه كأنه تعالى قال: ليس هذا القرآن قولاً من رجل شاعر، لأن هذا الوصف مباين لصنوف الشعر كلها إلا أنكم لا تؤمنون، أي لا تقصدون الإيمان، فلذلك تعرضون عن التدبر، ولو قصدتم الإيمان لعلمتم كذب قولكم: إنه شاعر، لمفارقة هذا التركيب ضروب الشعر، ولا أيضاً بقول كاهن، لأنه وارد بسبب الشياطين وشتمهم، فلا يمكن أن يكون ذلك بإلهام الشياطين، إلا أنكم لا تتذكرون كيفية نظم القرآن، واشتماله على شتم الشياطين، فلهذا السبب تقولون: إنه من باب الكهانة.


{تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43)}
اعلم أن نظير هذه الآية قوله في الشعراء: {أَنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبّ العالمين * نَزَلَ بِهِ الروح الأمين * على قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المنذرين} [الشعراء: 192 194] فهو كلام رب العالمين لأنه تنزيله، وهو قول جبريل لأنه نزل به، وهو قول محمد لأنه أنذر الخلق به، فهاهنا أيضاً لما قال فيما تقدم: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [الحاقة: 40] أتبعه بقوله: {تَنزِيلٌ مّن رَّبّ العالمين} حتى يزول الإشكال، وقرأ أبو السمال: تنزيلاً، أي نزل تنزيلاً.


{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44)}
قرئ: {وَلَوْ تَقَوَّلَ} على البناء للمفعول، التقول افتعال القول، لأن فيه تكلفاً من المفتعل، وسمى الأقوال المنقولة أقاويل تحقيراً لها، كقولك الأعاجيب والأضاحيك، كأنها جمع أفعولة من القول، والمعنى ولو نسب إلينا قولاً لم نقله.

7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14